أولوا الآلباب وأولوا النهى . وبيان كل منهم

زائر

سلام الله الأديب العزيز الأستاذ محمد، تحية طيبة من الأعماق.
جزاكم الله كل خير على الفائدة العظيمة التي ترسلونها عبر أثير الإنترنت، فيها كل عبرة ومعلمة قيمة، وهذا مما لا شك فيه.
وفقكم الله.

اللبُّ : معناه العقل ؛ والجمع ألباب أي عقول واعية متفتِّحة تتذكر الأمر في داخلها ، وجمع أيضا على : أَلْبُب وضُعِّفت الباء فصارب الكلمة ألبّ للضرورة الشعرية
قال الكميت : نوازِعُ من قلبي ظِمَاءٌ وألبُبُ * إليكم ذوي آل النَّبيّ تطلعت
وذكرت المعاجم العربية أن : بنات ألْبُبِ هي عروق في القلب تكون محلَّ الرِّقَّة والحنان والشوق
وجاء منها في التراث العربي الموروث : أنه قيل لأعرابية تعاتب أبناءها : مالَكِ لا تدعينَ عليهم ؟
قالت : تأْبَى له بناتُ ألبُبِي !! ( بلاغة العرب )
وورد في معنى : النُّهى أنه بمعنى العقل أيضا واحدا وجمعا ؛ ويؤكد ذلك قول الشاعر :
فتى كان ذا حلمٍ أصيلٍ ونُهْيَةٍ * إذا ما الحيا من طائف الجهل حَلَّتِ ........... ذكره ابن بري للخنساء
وَسُمِّيَ العقل نُهْيَة بالضم ؛ لأنه يتهى عن القبيح ويقال أيضا على الجمع : عقول نُهية
ونضرب على سبيل المثال لا الحصر مما ورد في الذكر الحكيم من القرآن الكريم هذه الآيات في الألفاظ التي نتحدث عنها :
الآية 29 من سورة (ص) يقول سبحانه وتعالى فيها :
( كتابٌ أنزلناهُ إليكَ مباركٌ ليَدَّبروا آياتهِ وليتذكر أولو الألباب )
وفي سورة الروم الآية 24 يقول الله سبحانه وتعالى مبينا عمل العقل بالتذكر وهو معنى اللبُ :
( ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماءً فيحي به الأرضَ بعد موتها إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون )
ووردت ( أولوا النهى ) في سورة طه الآية 128 يقول ربنا جل وعلا فيها :
( أفلم يهدِ لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأُولي النُّهَى )
وهذا من باب ذكر المثال فقط ؛ ولك أن تتدبر بتلاوتك عشرات السور القرآنية التي أثنت على ذوي العقول وذمت مَنْ لايتذكر نعم الله عليها
وكفرت بأنعم الله ، فالمؤمن من عقل أحداث الماضي تجربة أو دراسة وثقافة لما حدث للأمم السابقة من الكتب السماوية والقرآن الكريم الذي لا يأته الباطل
من بين يديه ولا من خلفه قال تعالى مافرطنا في الكتاب من شيء )
ففي سورة العنكبوت على سبيل المثال للقوم الكافرين جاء في الآية 63 قوله تعالى ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها
ليقولنَّ الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون )
وتتوالى الآيات والسور في ذكر أهمية العقل والنُّهَى والألباب لأن الله خلق في فطرتها شعاعا يربطها بخالقها فمن تغافله أو أغفله طَمس عليه ظلام الكفر والعياذ بالله
فلا يتذكر قيمة العقل ،ويصبح جاهلا لسواد عقله ، وكذلك القلوب يُنْكَت فيها نكتةً سوداءَ عندما تعزِف عن الحق وعبادة الله فيُكتَب عليها الشقاء في الدنيا والعذاب في الآخرة
اللهم اجعلنا من أصحاب العقول المستنيرة بالهدى ، والعاملة به المطيعة لله والموحدة له ، لنكون من أولي الألباب وأولي النهى .
ونختتم بهذه الآية من سورة آل عمران رقم 190 ، 191والتي يقول فيها سبحانه وتعالى :
( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا
ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقتل عذاب النار )